منتديات عالم الإظهار المعماري

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الاسكان والمباني السكنية  Oouso110

الاسكان والمباني السكنية  Oouso_10. . . الاسكان والمباني السكنية  1211

    الاسكان والمباني السكنية

    محمد
    محمد
    مشرف
    مشرف


    ذكر عدد المساهمات : 131
    نقاط : 230
    تاريخ التسجيل : 20/11/2009

    الاسكان والمباني السكنية  Empty الاسكان والمباني السكنية

    مُساهمة من طرف محمد الخميس يوليو 21, 2011 1:46 pm




    باستثناءعدد قليل من الأبنية العامة,جاءت معظم انجازات ليكربزييهLe Lorbusier في النصف الاول من القرن العشرين فب مجال المبانى السكنية لكنه في الفترة اللاحقة أنجز عددا كبيرا من المبانى العامة في أوربا وفي بلدان مختلفة من العالم,في البرازيل,والولايات المتحدة,وتونس,والعراق,والهند,واليابان,وغيرها.أضف الى ذلك الكم الكبير من الاعمال التي لم يتم تنفيذها فبقيت طي الرسومات.هذا بالاضافة الى كتاباته العديدة ومحاضراته عن العمارة والتخطيط والتصميم بأنواعه.لذا,ليس من السهل التعرض لكا أعماله أو تلخيص كل أنجازاتهووفي هذا ربما يكون أكبر اعتراف بقدراته وأنجازاته.
    منذ البداية أثبت ليكربزييه أنه وريث التقنية الفرنسية التقليدية في مجال الخرسانة المسلحة كما أظهرت سابقا في أعمال اسلافه من المعماريين الفرنسيين أمثال أناتول ديبودوهAnatol De Baudot,توني غارنيهTony Garnier,أوغست بيريهAuguste Perret.وقد استوعب ليكربزييه ذلك الدرس من خلال تدريبه المهني لمدة أربعة عشر شهرا في مكتب بيريه في باريس عام 1908م.كما تمكن ليكربزييه من أستيعاب أهم الأنجازات الألمانية في مجال التصميم الصناعي باحتكاكه المباشر بأهم المعماريين العاملين في ذلك المجال في ألمانيا انذاك من خلال تواجده في مكتب بيتر بيرينزPeter Behrensلمدة خمسة شهور أمضاها في ألمانيا بغرض اعداد تقرير عن الفنون التطبيقية الألمانيةGerman Decorativeبدعم من مدرسته,مدرسة شودفونChaux-de-Fonds للفنون والحرف في نيوشاتيل بسويسرا,وبتوجيه من معلمه ليبلاتينييهl Eplattenier.كان يعمل في مكتب بيرينز في تلك الفترة ايضا المعماريان الشهيران لودفيغ ميس(فانديروه),وفالتر غروبيس,لكننا لا نعلم ان كان لليكربزييه علاقة مباشرة معهما انذاك.كما قابل خلال رحلاته المعماري النمساوي يوزف هوفمانJosef Hoffman في فيينا,الذي عرض عليه العمل في مكتبه انذاك,دون جدوى.
    لكن تأثير رحلاته الأوربية,وعمله الوجيز في ألمانيا وباريس,ورحلته الى الشرق,الى اليونان وايطالياواسيا الصغرى,غير من توجهاته الاقليمية,كانت فيللا شوابSchwob ,التي اعتبرها جديرة بالنشر فب مجلته"الروح الجديدة"Esprit Nouveaux,والتي كانت من أوائل الفيللات في أوربا التي يعتمد نظامها الانشائي على الخرسانة المسلحة باستخدام الاعمدة الدائرية المستقلة عن الجدران والأسقف المستوية مما أتاح امكانية عمل فتحات كبيرة من الزجاج المزدوج في واجهة غرف الاستقبال الرئيسة المطلة على الحديقة الخلفية.
    كانت فيللا شواب أول تجربة لليكربزييه في استخدام نظام انشائي هيكلي يعتمد على الخرسانة المسلحة,وقد جاءت تلك التجربة في تواصل مع أفكاره السابقة بهذا الصدد,التي كان قد عبر عنها سابقا في عام 1914م باقتراحه نظاما انشائيا هيكليا نمطيا يعتمد على الخرسانة المسلحة,وبأسقف مستوية,أطلق عليه اسم"الدومينو"Domino ,ابتكر ليكربزييه نموذج الدومينو هذا ليكون أنموذجا اقتصاديا سهل التنفيذ لاستخدامه بشكل أساسي لحل مشكلة السكن رخيص التكاليف.وقد جاءت التسمية"دومينو"بسبب التشابه بين شكل المسقط الافقي واللعبة المعروفة بذات الاسم,كما هدفت التسمية الى بيان الشبه بين الانموذج المذكور,واللعبة المعروفة بذات الاسم,لأكثر من مجرد تشابه المسقط الافقي للأنموذج المقترح مع شكل أحجار الدومينو؛فقد كان من أهداف ليكربزييه استخدام أنموذج"الدومينو"لعمل تراكيب متعددة الأشكال لوحدات سكنية أكبر يمكن استخدامها للحصول على مجمعات سكنية يتم تنظيم أشكالها بحيث تحصر فيما بينها حيزا حدائقيا مشتركا.



    373
    لقد قدم ليكربزييه مقترحات تفصيلية للوحدات السكنية المقترحة,وللنماذج التي يمكن أن تكون منها,مثل أنموذج"السيتروان"Citrohan,الذي كان عبارة عن صندوق بسيط بارتفاع طابقين وعلى شكل متوازى المستطيلات,مفتوح النهايات ومغلق الجوانب.أطلق ليكربزييه على ذلك الأنموذج اسم"ستروان"تيمنا بالسيارة الفرنسية ستروينCitroen.يعتبر هذا الأنموذج وحدة سكنية كاملة ضمن متوازي مستطيلات بارتفاع طابقين شاملا غرف المعيشة والنوم والخدمات التابعة لها.ويمكن استخدام الأنمذج ضمن عمارة سكنية متعددة الطبقات كالتي أسماها"فيللات متراكبة"بحيث يكون لكل منها شرفة خاصة كبيرة مسقوفة على ارتفاع طابقين تكون بمثابة حديقة معلقة.

    411 مقدمة
    لم يرتبط نهج الحداثة في عمارة القرن العشرين بشئ قدر ارتباطه بمدرسة الباوهاوس الالمانية الشهيرة وذلك بالرغم من الفترة القصيرة التي تشكل عمر المدرسة الذي لايتجاوز أربعة عشر عاما.وتعود شهرة المدرسة بشكل رئيس الى المنهاج التعليمية المبتكرة التي تم تطويرها في تلك المدرسة في مراحلها المختلفة.وقد عانت المدرسة بشكل عام من الصراعات العقائدية التي تميزت بها تلك الفترة بشكل عام,وأهمها التنافس الايديولوجي بين اليسار الناشئ واليمين المتطرف,الامر الذي أدى في النهاية الى أغلاق المدرسة نهائيا عام 1933م على أيدي السلطلت النازية.وقد مرت المدرسة بفترات عديدة تميزت كل فترة منها بتوجيهات مختلفة ارتبطت بشكل مباشر بشخصية مدير المدرسة.فقد تفاوت على الباوهاوس في تلك الفترة خمسة مديرين تباينت ميولهم ونزعاتهم المعمارية,والسياسية,الى حد كبير,بدأ بفالتر غروبيس,مديرها الاول( ),وأنتهاء بلودفيغ ميس(فاندروه).كما ارتبطت الكثير من القرارات الادارية,بما فيها اختيار مدير المدرسة,بالميول السياسيةللطلبة,وبالتوجيهات والسياسات الادارية للسلطات المحلية التي كانت تشرف على المدرسة وتقدم لها الدعم المادي.برغم كل تلك المصاعب والجو التنافسي العقائدي الحاد نجحت المدرسة ممثلة بطلبتها ومدرسيها وادارتها المختلفة في تقديم أنموذج مبتكر لتدريس الفنون,والحرف,والعمارة,أصبح رافدا هاما من روافد التعليم في مجالات الفنون والحرف والعمارة في العالم أجمع.ويمكن اجمال المراحل أو الفترات اللتي مرت بها مدرسة الباوهاوس في خمسة فترات,كالتالي:

    1-الفترة الاولى(1919-1921م):المرحلة التعبيرية من عمر الباوهاوس Expressionist Phase؛مرحلة البناء النظري اعتماد على فلسفة مثالية في محاولة للربط بين الفن(الرفيع)والحرف اليدوية.
    2-الفترة الثانية(1921-1925م):تميزت هذه الفترة بتأثيرات الفن التجريدي وبمحاولة دمج الفن والتكنولوجيا والاهتمام بتصميم المباني.وكان لحركة البنائية الفروسية Russian Constructivism,وحركة الديشتيل الهولنديةDe Stijlتأثير كبير في هذه الفترة على توجيهات الباوهاوس.وقد جاء تأثير الديشتيل عن طريق مؤسسها ثيوفاندوسبرغ Theo van Doesburgالذي زار الباوهاوس عام 1921م وقام بالتدريس والقاء المحاضرات هناك في السنوات1921-1922م؛أما البنائية الروسية فجأءت تأثيراتها عن طريق الفنان التجريدي الروسي فاسيلي كاندينسكي Wassily Kandinskyالذي قام بالتدريس في الباوهاوس في الفترة 192201933م.
    3-الفترة الثالثة(1925-1927م):تزامنت هذه الفترة مع انتقال المدرسة بعد اغلاقها من قبل السلطات المحلية في فايمار الى مبانيها الجديدة في يساوDessau,حيث اعيد افتتاحها باسم"معهد التصميم"Institute of Design.
    4-الفترة الرابعة(1927-1930م):بدأتهذه الفترة مع افتتاح قسم العمارة في الباوهاوس عام 1927م برئاسة هانيس ماير Hannes Meyer الذي ما لبث أن خلف غروبيس في ادارة الباوهاوس منذ 1928م لغاية 1930م. تهيمن على تلك الفترة أفكار ماير الوظيفية البحتة.
    5-الفترة الخامسة(1930-1933م):في تلك الفترة تحول"معهد التصميم"تحت الادارة المتواضعة للمعماري لودفيغ ميس(فانديروه)الى مدرسة للعمارة School of Architecture.

    محمد
    محمد
    مشرف
    مشرف


    ذكر عدد المساهمات : 131
    نقاط : 230
    تاريخ التسجيل : 20/11/2009

    الاسكان والمباني السكنية  Empty رد: الاسكان والمباني السكنية

    مُساهمة من طرف محمد الخميس يوليو 21, 2011 1:46 pm


    1-باوهاوس فايمار:
    المرحلة التعبيرية,1919-1921م:
    تأسست مدرسة الباوهاوس عام 1919م بأندماج مدرستين,احداهما أكاديمية الفنون الجميلةGrand-Ducal Saxon Academy of Fine Arts؛والثانية مدرسة الفنون التطبيقية(الفنون والحرف)Grand-Ducal Saxon School of Arts and Grafts التي أسسها دوق ساكس-فايمار عام 1907م وعهد بادارته الى المعماري البلجيكي هنري فانديفلده,الذي كان قد استقدمه الى ألمانيا خصيصا لهذا الغرض.تم هذا الاندماج على يد غروبيس عام 1919م,وعلى الفور تم قبول ما يقرب من مائة وخمسين(150)طالبا وطالبة كان كثير منهم من المزاولين لمهن مختلفة ممن كانوا يبحثون عن تعليم متقدم لتعزيز خبراتهم المهنية.وقد كان حماس الطلبة في الالتحاق بالمدرسة الجديدة مؤشرا واضحا على وجود حاجة ملحة لتعليم فني تطبيقي مبتكر يناسب التغيرات في واقع الانتاج الفني والصناعي في ضوء تردي التعليم الاكاديمي في المدارس التقليدية للفنون والعمارة.
    وقد جاء شعار المدرسة في مرحلتها الاولى"تحقيق وحدة الفن والحرف"Union of Art and Graft.وكان الطريق لتحقيق هذا الهدف هو توظيف الفنون الجميلةThe Fine Arts في مجالات غير تقليدية مرتبطة بالفنون الحرفية(_التطبيقية).ويتشابه هذا الشعار الى حد ما مع اهداف تيار الفنون والحرف الانغليزي English Arts &Graft Movementبيد انه كان في الباوهاوس أكثر نجاحا بمحاولة التكيف مع شروط الانتاج الالي,بدلا من رفض التصنيع الالي كما فعل وليم موريس وانصاره.ولكن في حين جاءت معارضة الفنانيين البريطانيين لاستخدام الالة انطلاقا من اعتبارات اجتماعية واقتصادية مرتبطة بطبيعة النظام الاقتصادي السياسي الذ واكب ظهور الصناعة والانتاج الالي وما لذلك من تأثيرات سلبية على العامل أو الصانع,كان للالمان تحفظات على المقاييس المعماريةstandardizationالتي كان يتطلبها الانتاج الالي لاعتبارات فنية تختلف نوعا ما عن نظرائهم الانغليز,اعتبارات تتعلق بصون حرية الفنان المصمم,تماشيا مع تراث ألماني تضرب جذوره في الرومانسية الالمانية من غوته,شاعرهم المجيد,الى فريدريش نيتشضه,فيلسوف الربع الاخير من القرن التاسع عشر الذي رفع بفلسفته شأن الفنان الى مصاف الأنبياء.
    2-باوهاوس فايمار:المرحلة التجريدية,1921-1925م:
    3-باوهاوس ديساو,1925-1927م:
    4-المرحلة الرابعة:هانيس ماير,1927-1920م:
    5-المرحلة الخامسة,1930-1933م:الباوهاوس تتحول الى مدرسة عمارة:

    437
    في الفترة بين الحربين العالميتين عصفت بألمانيا تيارات سياسية تفاوضت من أقصى اليسار الى أقصى اليمين.وقد كان السبب في الشعبية التي تمتعت بها تلك النزعات السياسية الراديكالية الهزيمة القاسية التي تعرضت لها ألمانيا في الحرب العالمية الاولى.وفي فترة العشرينيات بالذات احتدم الصراع بين القوى اليسارية المدعومة من الاتحاد السوفيتي الناشئ والسلطات الادارية,المحلية والمركزية.وقد حاول لودفيغ ميس(فانديروه)( )دوما المحافظة على موقف معتدل ووسطي بين السلطة والمعارضة,وكان ذلك من أهم اسباب ترشحه لرئاسة الباوهاوس بعد طرد ماير من منصبه كمدير للباوهاوس وذلك نتيجة لمعارضت السلطات المحلية والقولى الحزبية المساندة لها لوجوده,بسبب ميوله اليسارية المتطرفة.
    وقد انعكست مواقف ميس المعتدلة في المنهج المعدل للتدريس في الباوهاوس الذي أعاد الاهتمام بالنواحي الجمالية والتقنية,بتصميم المسكن المستقل باعتباره الانموذج السكني الاكثر ملائمة لنمط الحياة الاكثر تقليدية,المعتمد على العائلة النووية,خلافا للانماط التعاونية التي كان يهتم بها اليساريون والتي كانت قد بدأت تظهر في الاتحاد السوفيتي,والتي تعتمد على عمارات الشقق السكنية ضمن تجمعات سكنية كبيرة.كما أهتم ميس في مدرسته بتدريس مواضيع مثل فن الدعاية والاعلان والديكور والفنون التشكيلية التي لا يمكن تخيل امكانية تدريسها في عهد ماير.
    وبالرغم من وجود تواصل بين أعمالميس المبكرة من العشرينات والثلاثينات,وبين أعماله اللاحقة بعد هجرته الى الولايات المتحدة,الا أنه يمكن تقسيم حياة ميس المهنية الى مرحلتين:المرحلة الاوربية حتى عام1933م,والمرحلة الامريكية التي تبدأ بهجرته الى الولايات المتحدة في ذلك العام.

    1-المرحلة الاوربية:
    من أهم مباني ميس في هذه المرحلة,ان لم يكن أهمها على الاطلاق,الجناح الالماني في المعرض الصناعي العالمي في برشلونه من العام 1929م( ).يبدو تصميم هذا المبنىى استمرارا لدراسات ميس السابقة المتأثرة بفن الديشتيل التي ظهرت سابقا في مشروع"بيت ريفي من الطوب"من العام 1923م( ).
    أقام ميس الجناح الألماني في برشلونة بسقف قليل السماكة من الخرسانة المسلحة يرتكز على ثمانية أعمدة فولاذية ذات مقاطع صليبي مغطاة بصفائح من الكروم,فوق مصطبة مستطيلة الشكل ترتفع ببضع درجات عن مستوى الأرض.وبين هذين المستويين الأفقيين,السقف والمصطبة,تتزلق مجموعة من الجدران بتنظيم حر بمحاذات الأعمدة الفولاذية,بعضها جدران زجاجية,وغيرها مغطى برخام الترافيرتين Travertine marbleأو الأونيكسOnyx .وتوجد على سطح الصطبة الأرضية بركتان قليلتا العمق تعكس المياه فيهما أجزاء المبنى المختلفة كالمرايا,مثلهما في ذلك مثل الجدران الزجاجية والرخامية المصقولة العاكسة.وتولد سيمفونية الانعكاسات هذه شعورا بالانفتاح والانغلاق من الجاذبية الارضية برغم كثافة المواد الرخامية وألوانها الداكنة.
    وتمكن ميس في العام الذي تلاه,1930م,من توظيف بعض عناصر ومفردات الجناح الألماني في تصميم اخر مشروع مهم له في أوربا قبيل رحيله الى شيكاغو هو منزل توغندات Tugendhat Houseفي برنو بتشيكوسلوفاكيا.هنا نجد الاعمدة المصلبة الفولاذية المغلقة بالكرومChrome-plated والقواطع المنزلقة بحرية بمحاذاتها وحولها.أما في الواجهة الخلفية للمبنى فنجد النافذة الافقية الطويلة المستمرة شبيهة بتلك التي في مبنى الشقق في فايسنهوف( ).وبشكل عام,يبدو المسقط الافقي لمنزل توغندات أكثر اثارة للاهتمام المعماري من شكل المبنى الخارجي.
    2-المرحلة الامريكية,1938-1969م:
    في نهاية الثلاثينيات سارعت جامعات أمريكية لاستقطاب أهم المعماريين الأوربيين وخاصة الألمان الفارين من وجه النازية التي أخذت على عاتقها تصفية الفن الحديث والتضييق على أهم رواده.وتناسفت كل من جامعتي هارفارد ومعهد الينوي التكنولوجي لاقناع ميس بقبول ادارة قسم العمارة فيهما.وفي النهاية حظيت هارفارد بغروبيس في حين توجه ميس الى شيكاغو للتدريس في معهد الينوي التكتولوجي.
    وكان أول مشروع يعهد اليه هناك هو اعادة تصميم حرم الجامعة ومبانيها الرئيسة,وذلك عام 1939م( ),وكان أول تلك المباني مبنى ابحاث المعادن,1942-1943م الذي جاء بشكل صندوقي بسيط يرتكز على هيكل انشائي معدني عناصره الرئيسة من القضبان الفولاذية ذات مقاطع بشكل الاحرف الانغليزي ة,I,T,H. وتعكس بساطة التصميم الميزانية المتدنية للمشروع,وذلك بسبب حالة الحرب التي كانت تمر بها البلاد انذاك مما كان يتطلب توجيه كل الجهود والامكانيات المادية للمجهود العسكري,لكن برغم الميزانية المتواضعة للمبنى الا أن ذلك لم يثن ميس عن الأهتمام بتفاصيل عناصر المبنى كافة من أعمدة وجسور وجدران ستارية مصنوعة من الالواح الزجاجية الضخمة( ).
    وقد كانت هذه المباني سببا رئيسا في شهرة ميس في الولايات المتحدة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية,شهرة نابعة من الاهتمام بتفاصيل الامر الذي عبر عنه ميس بقوله:"ان الله(موجود9في التفاصيل"God is in the detail. وليس أدل على هذا الاهتمام بتصميم التفاصيل من التفصيلة الشهيرة لزاوية مبنى أبحاث المعادن التي اصبحت من العلامات المميزة لمباني حرم الجامعة في معهد الينوي التكنولوجي,ومثلها في مبنى الكيمياء( ).
    أما قاعة كروان فهي قاعة ابعادها 120*220 قدما خالية تماما من الاعمدة توفر فراغا مفتوحا دون اية تقسيمات داخلية لاستخدام لطلبة العمارة وتخطيط المدن وأساتذتهم,بالاضافة الى منطقة عرض لاعمال الطلبة في الوسط.وتحمل هذا السقف الفولاذي الضخم أربعة جسور ضخمة steel girders المسافة بين كل منها 60قدما.ويغلف البناء جدار ستاري مستمر من الفولاذ والزجاج( ).وتم تغشية الاجزاء السفلية للالواح الزجاجية بمعالجتها بالقذف الرملي sand-blastingبينما أبقى على شفافية الاجزاء العلوية ومنطقة المدخل.وتم استخدام ستارات معدنية venetian blinds ثابتة(غير متحركة)خلف ألواح الزجاج الشفافة لتأمين توزيع منتظم للانارة في الداخل.أما التقسيمات الداخلية البسيطة فكانت من خشب البلوط.
    وقد أتاح المعرض المنفرد الذي نظمه متحف الفن الحديث في نيويورك عام 1947م الفرصة لجماعة المعماريين الامريكيين للاطلاع على أهم أعمال ميس حتى ذلك التاريخ,مما ساهم في انتشار أفكاره التصميمية في الاوساط المعمارية.وقد تعرف ميس من خلال المعرض على الانسة ايدث فارنزورث التي قامت بتكليفه بتصميم منزل ريفي صغير لها على ضفة نهر صغير بالقرب من بلانوبولاية الينوي,في الاعوام 1945-1950م.أرادت الانسة فارنزورث بيتا صغيرا لاستخدامه في نهاية الاسبوع فقدم لها ميس معبدا صغيرا أبيض اللون شبيها بالمعابد الاغريقية في صفائه ونقائه ودقة تفاصيله الامر الذي جعله احدى روائع عمارة الحداثة.

    تكون التصميم من قاعة كبيرة تتوسطها منطقة خدمات تشمل وحدتين صحيتين,بالاضافة الى مطبخ صغير من جهة,ومدفأة صغيرة من الجهة الأخرى المطلة على النهر.ولا يتصل المبنى كله بالأرض الا من منتصفه حيث توجد التمديدات الصحية,ويتم الدخول الى المدخل الى المبنى عن طريق مصطبة مستطيلة منزلقة جانبيا عن المنزل ترتفع بضع درجات عن الأرض الطبيعة,وتفصلها عن مستوى المدخل بضع درجات اخرى.ويعتمد المبنى على هيكل فولاذي من ثمانية أعمدة بمقطع بشكل الحرف الأنغليزي(I)مطلية باللون الأبيض.وتغلف المبنى ألالواح الزجاجية الضخمة من كل الجهات من أي جزء من المنزل.ويحقق التواصل البصري التام بين الداخل والخارج( ).
    لكن تجارب ميس في تصميم المنازل السكنية المستقلة كانت محدودة وقصيرة الأمد,بعكس مبانيه اللاحقة في مجال الأبنية السكنية العالية,ومباني المكاتب,ومن أهمها مبنيان عاليان للشقق السكنية في شارع البحيرة في شيكاغو Lake Shore Drive Apartments,1948-1951م( )حيث يحمل هيكل انشائي فولاذي ستا وعشرين طابقا في كل من المبنيين المتجاورين,ويتغلف كل مبنى بجدار ستاري من اللألواح الزجاجية المثبتة على هيكل انشائي فولاذي ذي لون داكن يزداد لونه دكنا بتضاده مع لون الستبئر الداخلية الباهت.ومما يزيد من درامية التصميم موقع المشروع على ضفة البحيرة بسبب التضاد بين اللونين الداكن للمبنى وارتفاعه الشاهق,والأمتداد الأفقي للبحيرة الضبابية.
    وفي عام 1958مصمم ميس صندوقا هيكليا اخر شبيها بمبنى الشقق المذكور,لكنه لم يكن مخصصا للشقق السكنية بل للمكاتب التجارية.ويعتبر هذا المبنى,مبنى سيغرام Seagramفي نيويورك,أول بناء عال للمكاتب ينفذه ميس في حياته( )يبدو مبنى سيغرام هذا كالمارد البرونزي,جاثما في مواجهة جادة بارك أفينيوPark Avenueفي شبه جزيرة منهاتن في وسط مدينة نيويورك,بتأكيد تام على الأتجاه الرأسي وصقل تام لتفصيلات الجدار الستاري بشكل يفوق مثيله في مبنى الشقق في شارع البحيرة في شيكاغو.يتم الدخول الى المبنى من الوسط تماما على أمتداد محور أفقي متعامد مع اتجاه الشارع تحف بجوانبه بركتان مستطيلتان كاملتان التناظر لهما أثر كلاسيكي واضح يتكرر صداه في تصميم قاعة الخريجين التذكارية وتصميم قاعة كروان في معهد الينوي التكنولوجي,وكذلك في تصميم منزل فارنزورث.



    461
    يغطي الأنتاج المعماري لفرانك لويد رايت ( )فترة تتجاوز سبعة عقود منذ نهاية القرن التاسع عشر الى مابعد القرن العشرين.وتنتشر تلك المباني في معظم انحاء الولايات المتحدة الامريكية بحيث لا تكاد تخلو ولاية من مشروع أو أكثر.وقد كان لع عدة مبان واقتراحات لمبان خارج الولايات المتحدة مثل الفندق الامبراطوري الذي بنى في طوكيو عام 1915م,ولكنه هدم عام 1968م.كما كان رايت قد تقدم باقتراحات لمشاريع في دولتين عربيتين هما مصر والعراق لا يبدو أن أيا منهما قد تم تنفيذه.ففي بغداد شارك رايت بمسابقة مبنى دار الأوبرا الذي اقترحته الحكومة العراقية انذاك في جزيرة أم الخنازير ببغداد,وقدم تصميما خياليا مستمدا من تصورات شبيهة بحكايات الف ليلة وليلة,أما في مصر فقدم اقتراحات لقرى سياحية لم يتم تنفيذها ايضا.لكن اغلب مشاريعه تتقاسمها ولاية الأم,ولاية ويسكنسن,والولاية المجاورة لها,ولاية الينوي.هذا بالاضافة الى عدد لاباس به من المباني في ولاية كاليفورنيا وعدد قليل في ولاية نيويورك,وغيرها.
    ابتدأ رايت عمله في مكتب دنكمار أدلر ولويس سليفان Adler&Sullivan في شيكاغو عام 1887م,بعد أن وظفه سليفان للمساعدة في تحضير الرسومات الهندسية لمبنى عال متعدد الطبقات هو مبنى"الدرج"Auditorium Building يسمى هذا المبنى الاسم بسبب احتوائه على مدرج كبير كان يستخدم كصالة للأوبرا.وبالأضافة الى المدرج كان المبنى يحتوي ايضا على فندق ومكاتب تجارية وبرج صغير المساحة نسبيا يرتفع عن بقية المبنى بعدة طوابق ويستخدم كمكاتب تجارية ايضا.
    خلال فترة عمل رايت مع سليفان نشأ نوع من التقسيم الوظيفي لنوع الأعمال التي كان يتولاها كل منهما,فكان سليفان يهتم بتصميم المباني العالية أكثر من أهتمامه بالمبانى السكنية للعملاء الذين كان عدد منهم من أصحاب المباني العالية التي يقوم سليفان نفسه بتصميمها.وفي تلك الفترة المزدهرة من تاريخ شيكلغو نمت الضواحي السكنية للمدينة بشكل متسارع لم يضاهه سوى انتشار الأبنية العالية في وسط المدينة.وتعزى تلك النهضة العمرانية بشكل عام الى الثورة الصناعية وما انبثق عنها من تطورات في وسائط النقل وفي مقدمتها القاطرات والسفن التجارية,مما جعل مدينة شيكاغو حلقة رئيسة في التبادل التجاري بين شرق البلاد والمراعي الخصبة في مناطق وسط امريكا على امتداد نهر الميسيسبي الذي اصبح بدوره شريان الحركة الرئيس لنقل البضائع شمال النهر وجنوبه على كامل الامتداد الطولي للقارة الامريكية الشمالية .
    كما ساهمت التطورات في وسائل النقل الالي كالقاطرات البخارية في انتشار الضواحي السكنية بعيدا عن وسط المدينة الاذي اصبح استخدامه يقتصر بشكل عام على الاستخدام التجاري.وتواكبت التطورات بذات الاتجاه بعد البدأ بأنتاج السيارات التي تعمل بالة الاحتراق الداخلي الأمر الذي تم في الولايات المتحدة لاول مرة عام 1893م,مما تسبب قي زيادة الضوضاء والتلوث ومخاطر الحريق كالذي كان قد أتى على معظم مباني المدينة عام 1871م,فتمخض هذا الوضع عن تقسيم وظيفي لاستخدامات الارض في شيكاغو وضواحيها بحيث طغت المباني التجارية العالية على وسط المدينة في حين اقتصرت الضواحي المحيطة على المباني السكنية قليلة الارتفاع.
    فمنذ بداية عملل رايت في مكتب سليفان في شيكاغو من عام 1887م,وحتى عام 1911م,أنتج رايت عددا كبيرا من المباني السكنية المستقلة في تلك الضواحي السكنية الجديدة لمدينة شيكاغو مثل ريفرسايد Riverside ,رفرفورستRiverrorest,أووك باركOak Park,وأصبحت تلك المساكن تعرف باسم"بيوت البربري".وقد كانت الابتكارات التي حققها رايت في تلك البيوت السبب الرئيس وراء تسمية تلك الفترة من حياته المهنية "العصر الذهبي الاول".





    475
    لم يكن رايت هو من أطلق تسمية "بيوت البراري"في بداية الامر لكنه كان دائم الاشارة الى الخصوصية المناخية والطوبغرافية للبراري الامريكية في مناطق الغرب الأوسط من الولايات المتحدة .وكانت تلك الخصوصية في رأيه تفرض على المعماري عدة شروط تصميمية حاول أخذها بعين الاعتبار ضمن المنضومة التصميمية المميزة لبيوت البراري,والتي جأءت على النحو التاليي:
    1-رفع طابق التسوية من تحت الأرض الى مستوى الأرض مما يجعل الطابق الرئيس للمنزل مرتفعا عن المناطق المحيطة مما يسمح بأطلالة أفضل من داخل المنزل,ويصبح طابق التسوية في هذه الحالة بمثابة قاعدة أو مصطبة ثقيلة قليلة الفتحات مبنية في الغالب من الحجر أو الطوب لمقاومة أي تجمع للمياه حول المبنى أو أنتقال الرطوبة من باطن الارض.
    2-وضع نوافذ الطابق الاول,الطابق الرئيس,ضمن حزمة مستمرة من الشبابيك الرأسية بدلا من الشبابيك المنفردة كثقوب في الجدران في حزام شريطي فوق مستوى الطابق الارضي.
    4-الاستعاضة عن الشبابيك التقليدية المنزلقة رأسيا double-hung windowsبالشبابيك التي تفتح بشكل جانبي casement windows.
    5-بروز نهاية الاسقف eaves فوق الفتحات لحمايتها من عوامل الطقس وتظليلها من أشعة الشمس المباشرة.ويتبع ذلك قصارة ودهان اسفل السقوف المعلقة بالوان مائلة الى البياض لزيادة كمية الاضاءة المنعكسة الى داخل الغرف.
    6-المحافظة على الخطوط الأفقية المستمرة ما امكن باعتبار الخط الافقي متماشيا ومنسجما مع الامتداد الارضي الذي تتميز به الطبيعة الطوبغرافية لاراضي البربري الامريكية في مناطق الغرب الاوسط من الولايات المتحدة.
    7-تحرير الفراغ الداخلي الرئيس المكون لصالات الاستقبال والطعام من الاطار الصندوقي التقليدي,وانفتاح الفراغات الداخلية على بعضها البعض,زبين الداخل والشرفات الخارجية.وقد اصبح ذلك يعرف لاحقا باسم"المسقط المفتوح"Open Plan .
    طور رايت انموذج بيت البراري في أعماله المبكرة مثل منزل سوزان لورنس دانا في سبرنغفيلد بولاية الينوي عام 1899-1900م,ومنزل برادلي في كنتاكي بولاية الينوي ايضا عام 1900م,وغيرها.وقد نشر أول تصميم أنموذجي لبيت البراري في مجلة"بيت السيدات"Ladies Home Journal عام 1901م( ) .وقد أنبثق عن ذلك التصميم الأنموذجي عدة مساكن مستقلة منها منزل وورد ويليتس في هايلاند بارك بولاية الينوي عام 1901م,ومنزل داروين مارتن في بفالو بولاية نيويورك عام 1904م,ومنزل عائلة السيد فريدريك روبي في شيكاغو,عام 1906م( ).
    تتشابه المعالم الرئيسة لهذه المشروعات بدءا بالجدران الأرضية الثقيلة من الطوب الاحمر أو المائل الى الصفرة,والتي ترتفع من مستوى الارض حتى مستوى تصوينة شرفات الطابق الارضي,أو حتى مستوى اعتاب نوافذ الطوابق العلوية.وتتشابه ايضا بالامتداد الافقي للاسقف المعلقة فوق فتحات النوافذ المتكررة بايقاع موحد لمسافات طويلة على امتداد الجدار.هذا بالاضافة الى العنصر الرأسي المتمثل بمدخنة المدفأة المتمركزة في منتصف الفراغ الذي يحتوي غرفتي المعيشة والطعام في منزل روبي,وفي منتصف فراغ الاستقبال الرئيس في منزل مارتن.
    وفي تصميمه لمجموعة المباني التي بناها لتكون سكنا له في سبرنغ غرين Spring Greenبولاية الأم ويسكنسن عام 1911م,قام رايت بتوظيف ذات العناصر في تشكيل يلتف حول سفح الهضبة المطلة على وادي عائلة جونز,تلك المنطقة التي اختارأهل والدته الاستقرار فيها بعد هجرتهم من مقاطعة ويلز ببريطانيا الى الولايات المتحدة.أطلق رايت على هذا المقر السكني الخاص اسم"تاليسن"Taliesin تيمنا بالشاعر الويلزي المتنبي القديم صاحب"الحاجب المشع"Shining Brow.
    ينطلق الاسم الذي اطلقه رايت على مقر سكناه مع طبيعة التصميم,فالمعنى الحرفي للفظة "تاليسن"باللغة الويلزية هو"الحاجب المشع",وينطبق هذا مع كيفية توقيع المبنى على سفح الهضبة وليس على قمتها بشكل الحرف الانغليزي(U)تقريبا.بحيث يحتضن قمة الهضبة من ناحية ويطل من ناحية الاخرى على الوادي.
    ينسجم شكل المبنى تماما مع البيئة المحيطة بصفة خاصة ليس فقط بسبب طريقة توقيع المبنى على سفح الهضبة,بل ايضا بسبب استخدام المواد الطبيعية في بنائه,اذ يستخدم رايت مداميك الحجر الطبيعي غير المشذب المتفاوته الارتفاع في بناء الجدران الرئيسة للمبنى والجدران الاستنادية الصغيرة الحاضنة لأجزاء الحديقة قرب المبنى وحوله,وحين يستخدم القصارة لبعض اجزاء الجدران فانها تصطبغ بلون التراب المائل الى الاصفرار,أما التكسية الخارجية للسقوف فمن الواح الخشب الطبيعي.وينطبق هذا الامرايضا على مواد الابواب والنوافذ والارضيات الداخلية.أحترق المبنى مرتين,عام 1914موعام 1925م,واعيد بناؤه مجدادا كل مرة مع اضافات وتوسعات حتى أصبح بشكله الحالي.ويعتبر مشروع"تاليسن"هذا تتويجا للمرحاة الاولى والرئيسة في حياة رايت المهنية( ).
    وفي عام 1910م,1911م,تولت دار نشر ألمانية,فازمت Wasmuth,ومقرها برلين,نشر مجلدين ضخميين باللغة الألمانية عن أعمال رايت,أحدهما مجلد للرسومات والأخر للصور.وقد أتاحت هذه المجلدات للكثير من المعماريين الالمان والهولنديين,فرصة الاطلاع على أعمال رايت لاول مرة.ولكن بدلامن أن يكون ذلك فاتحة خير على رايت,كان بداية لمرحلة انتقالية مليئة بالنكسات المهنية والشخصية.ففي عام 1914م وخلال وجوده في اليابان أحرق أحد الخدم مقره السكني تاليسن وأجهز على كافة من كان به بمن فيه عشيقته ميمه تشيني Mamah Cheney وأولادها.وفي عام 1923م توفيت والدته.وفي عام 1924م توفي سليفان.وقد تركت وفاة سليفان بعد سنوات مليئة بالمشقة والصعوبات المهنية حزنا عميقا في نفسه,خاصة بعد أن تجددت صداقتهما قبل ذلك بسنوات.
    482
    وبانتصاف الثلاثينات كان رايت قد بلغ الثامنة الستين عاما,لكن هذا لم يثنه عن تصميم رائعته المعروفة باسم"فيلا الشلال"Falling water في بيررن Bear Run بولاية بنسلفانيا,1935-1939م.استفاد رايت بدون شك من اطلاعه على اعمال معماريي الحداثة التي شاهدها في المعرض عام 1932م ,لكنه كعادته أثبت قدرته الفائقة على هضم واستيعاب دروس العمارة الحديثة مثلما استوعب من قبل ذلك دروس عمارة النيو-رومانسك الأمريكية التي أورثها له الأمريكي اتش-اتش-ريتشاردسون,ودروس العمارة اليابانية التقليدية,ودروس العمارة السكنية الانغليزية التقليدية,وفن الأرت نوفوه,والزخرفة الشرقية بطريق سليفان.وتمكن رايت من تقطير هذه الدروس كلها وصهرها في تصاميم تتميز بأصالة وابداع فردي وهذا هو شأن فيلا الشلال.
    لدى رؤية الفيلا للوهلة الاولى يستحضر للذهن تصميم ميس للجناح الألماني في برشلونه وذلك بسبب التشابه بين التشكيل العام بالاعتماد على التضاد بين المستويات الافقية والرأسية.بيد ان رايت يختلف جذريا عن ميس في عدة امور,ففي حين يهتم ميس بأظهار خواص التصنيع الألي والمعالجة الألية للمواد الانشائية,يعني رايت باستخدام المواد بادنى قدر من التصنيع.وفي حين يهتم ميس بفصل الاعمدة الحاملة للسقف عن القواطع الداخلية غير الحاملة لا يستخدم رايت الاعمدة قليلة السماكة على الاطلاق,بل يستخدم دوما الجدران الحجرية الثقيلة في الداخل والخارج ولا يميز بين جدار حامل وغير حامل لكنهما يتفقان في محاولة الربط بين الحيز الداخلي والخارجي,ويبدو أنهذه الخاصية من الأمور التي طورها رايت باحتكاكه بالمعماريين الاوربيين باستغلال المظلات والشرفات المصنوعة من البلاطات الخرسانية المعلقة,وان كان هو الاسبق في ابتكارها وتطبيقها في مرحلة مبكرة في بعض بيوت البراري.
    ويختلف رايت وميس ايضا اختلافا جذريا في مواقفهما من الطبيعة المحيطة بالمبنى ففيما ظل رايت ملتزما بتحقيق الانسجام بين المبنى والبيئة الطبيعية المحيطة ظل ميس باستمرار يعمل على ابراز التضاد بين المبنى والطبيعة,فالمبنى نتاج عمل الانسان وأدواته,أما الطبيعة فشأن اخر.وهذا خلاف ما كان يسعى اليه رايت.خذ مثلا فيلا الشلال حيث البلاطات الخرسانية المسلحة تحلق فوق الشلال مرتكزة على مجموعة من الجدران الحاملة التي تنبثق كسيقان الاشجار من قلب الصخر.وقد تم بناء الجدران هذه من مداميك متفاوتة الارتفاع من الحجر غير المشذب الموجود اصلا في الموقع مما يجعلها منسجمة جدا مع المحيط.
    ومثلما في منازل البراري تقوم المدفأة العملاقة بتحديد نقطة مرجعية ثابتة ينساب من حولها الحيز الداخلي نحو الواجهات الزجاجية المطلة بأتجاه مسار الشلال.ولا يبدو كثير فرق بين المواد المستخدمة في داخل المبنى وحوله أو خارجه,فقد قام رايت بتبليط غرفة الاستقبال الرئيسة ببلاطات صخرية كبيرة القياس مثل تلك الموجودة في الموقع وحوله,كما أبقى الجدران الحجرية الحاملة على طبيعتها من الداخل ايضا.
    وبالنظر الى اللقطة الشهيرة اامنزل من اسفل الشلال تظهر الجدران الحاوية للمدفأة العملاقة والجدران المجاورة لها بمثابة العمود الفقري الذي تنبثق على جنباته الشرفات المعلقة في تشكيل شبيه بالشجرة العملاقة الضاربة ج1ورها في الصخر والتي ينبثق ساقها حاملا شرفاتها في كل اتجاه كتفتح أوراق الشجر الخضراء للضوء( ) تؤكد هذه الصورة والاستعارة المرتبطة بها في العادة فكرة"العمارة العضوية"التي بدأ رايت ينادي بها على الاقل منذ عام 1936م.
    لكن أهتمام رايت بالطبيعة وتوظيفه لاستعارات مستمدة منها في أعماله المعمارية يعود الى فترة مبكرة من حياته المهنية ولا يقتصر على تعبير "العمارة العضوية".ففي كتاباته المبكرة من نهاية العشرينات كان رايت يتحدثق باستمرار عن "طبيعة المواد"Nature of Materials أي استخدام المواد"على طبيعتها",بالرغم من عدم وضوح القصد المحدد من ذلك التعبير. لكنه منذ عام 1963م بدأ يتحدث عن مفهوم"العمارة العضوية"ويربطه بفكرة"طبيعة المواد". ومنذ ذلك الوقت وحتى نهاية حياته ظل رايت يكرر استخدام تعبير "العمارة العضوية"لكن تحديد واضح لمعناه.وفي عام 1953م اقيم معرض كبير لاعماله في متحف غوغنهايم وبعد المعرض صدر كتاب رايت بعنوان"مستقبل العمارة ورد فيه مصطلح "العمارة العضوية"كعنوان للفصل الاخير من الكتاب.في هذا الجزء الأخير يقدم رايت تعريفه لمعنى العمارة العضوية فيقول بانها تعني"الكلية"entity وبمعنى ان يكون الشئ مكتملا او ويستطرد رايت فيقول بان "معناه الاصلي في العمارة هوتناسق الجزء مع الكل,والكل مع الاجزاء...وفي العقد الاخير من حياته أدمج تلك الافكار فيما اسماه"البيت الطبيعي"the Natural House.
    ويمثل ذلك التوجه" العضوي" قدم رايت تصاميمه لمباني شركة اس-سي-جونسونS.C.Johnsonفي ريسينRacine بولاية وسكنسن عام 1936مووخاصة برج الابحاث التابع لنفس الشركة عام1944م,وبالاضافة الى المقر الصيفي"تاليسن غرب"T aliesin West في سكوتسديل Scottsdale بولاية اريزونا عام 1938م.
    ففي تصميمه لقاعة العمل المكتبي الرئيسة لشركة جونسون قام رايت بخلق فراغ داخلي كبير مفتوح محاط بجدران من الطوب الاحمر يحصر بداخله غابة من الاعمدة الفطرية mushroom-shaped columns الضخمة تشكل نهاياتها العريضة سقف القاعة.بحيث تصبح القاعة وكانها بين تلك "النخلاتط الخرسانية "واحة عمل"Oasis.وتغطي المسافات الفاصلة بين صفوف الاعمدة هذه طبقتان من الانابيب من مادة البايركسPyrex tubes تسمح بتوزيع منتظم للاضاءة في كافة أرجاء القاعة.وتغطي انابيب اخرى شبيهة بها المسافات الفاصلة بين اعلى الجدار الخارجي المستمر حول القاعة وجدار تصوينة السقف مما يسمح بادخال كمية اضافية من الاصاءة الى داخل القاعة.وتستدير زوايا المبنى في انسجام مع شكل الاعمدة الداخلية العملاقة وشكل السقف الذي يتشكل من حلقات دائرية متجاورة فوق كل عمود من الاعمدة الموجودة بالداخل.

    وفي مشاريع لاحقة عاد رايت فأكد على استخدام تلك الاستعارة مجددا.ففي تصميم متحف سليمان غوغنهايمSolomon Guggenheim في نيويورك 1943م اتخذالتصميم شكلا لولبياHelicoidalاحتوى فراغا وسطيا مفتوحا بارتفاع عدة طوابق.وجاءت عناصر الحركة الرأسية ضمن كتلة اسطوانية مستمرة من الاسفل للاعلى بهيئة ساق الشجرة. تحتوي تلك الكتلة الاسطوانية الادراج والمصاعد.والتي يستخدمه الزائر للوصول الى نقطة البداية في الطابق العلوي الاخير من المتحف,ومنهناك يبدأ بالهبوط التدريجي داخل المنحدر اللوليبي انتهاءا بقاعة المدخل,من حيث اتى( )
    محمد
    محمد
    مشرف
    مشرف


    ذكر عدد المساهمات : 131
    نقاط : 230
    تاريخ التسجيل : 20/11/2009

    الاسكان والمباني السكنية  Empty رد: الاسكان والمباني السكنية

    مُساهمة من طرف محمد الخميس يوليو 21, 2011 1:47 pm


    497
    يعتبر مصح أمراض السل في بيميو بفلنداPaimio Tuberculosis Sanatoriumالذي فاز التو بتصميمه في مسابقة أقيمت في نهاية عام 1928م واحدا من ابرز النماذج في تاريخ عمارة الحداثة في النصف الاول من القرن العشرين.تم تنفيذ ذلك المشروع في الفترة 1929-1933م وكان مفتاح ولوج التو الى مسرح العمارة المعاصرة في فنلندا وأوربا بشكل عام.ويعتبر المؤرخون سيغفريد غديون,على سبيل المثال ,مصح بيميو واحدا من أهم ثلاثة مبان في تاريخ عمارة الحداثة هي مبنى مدرسة الباوهاوس في ديساو,1926م وتصميم لريكربزييه لمقر عصبة الامم في جنيف,1927م,بالاضافة الى هذا المصح.لكن بالرغم من ذلك ,ليس من السهولة وضع ألفر التو ضمن التيار الرئيس لعمارة الحداثة.
    مهد ذلك المشروع الى فنلندا من أوسع الابواب مع أن ذلك لم يكن سهلا نظرا للظروف السياسية التي كانت تمر بها فنلندا,فمنذ بداية القرن انشغل المعماريون الفنلنديون في البحث عن هوية وطنية مناسبة لتلك الدولة الصغيرة حديثة العهد بالاستقلال يعكس جاراتها الاكثر عراقة مثل السويد والدنمارك.هذا بالاضافة الى التحدي الذي كانت تواجههدوما من جاراتها الشرقية ,روسيا. ولم يكن من السهل في ضوء حداثة عهد تلك الدولة,التنافس الوطني المستعر انذاك,الاقبال على مثل تلك العولمة التكنولوجية التي كان يطرحها الكثيرون من جيل الشباب من المعماريين الاوربيين انذاك فيما يخص العمارة التي اصبحت تعرف بعمارة الطراز الدولي.
    وقد تراوحت الاستجابات المعمارية الرومانسية القومية في الدول الاسكندنافية بشكل علم بين الرومانسكية المحدثةNeo-Romanesque التي كان قد تبناها الامريكي اتش-اتش-ريتشاردسونH.H.Richardson في أعماله في الولايات المتحدة,والدورية الكلاسيكية المبسطة Simplified Doric Classicism,التي شاعت بشكل خاص في الدنمارك والسويد.زقد كانت لتلك الاتجاهات تأثير واضح على أعمال التو المبكرة,فيبدو تأثير التيار الكلاسيكي المحدث المبسط على التو في تصميمه الذي فاز به أول مرة في مسابقة مكتبية فايبوريViipuri Libraryعام 1927م( ) .وقد كان ذلك التصميم شديد الشبه بالمكتبة الشهيرة التي صممها السويدي غونار اسبلندGunnar Asplundبطراز كلاسيكي مبسط مشابه في ستوكهولم,1920-1928م.لكن لم يتم تنفيذ هذا المشروع في حينه وتأجل تنفيذه سنوات عديدة مما أتاح الفرصة لألتو لتعديل تصميمه الذي جاءت هيئته العامة متسقة تماما مع العمارة الصندوقية البيضاء المميزة لعمارة الحداثة.ويؤكد التغيير الذى مر به تصميم المكتبة من الطراز الكلاسيكي المبسط الى عمارة الحداثة الصندوقية البيضاء اتساع الهوة التي كانت تفصل التجارب الفنلندية المحلية عن عمارة الحداثة.ومن ذلك تتضح صعوبة النقلة التي تولاها التو بتأويله الخاص لعمارة الحداثة ضمن البيئة الفنلندية.جغرافيا وثقافيا.
    لكن بالرغم من أهمية مصح بيميو في تاريخ عمارة الحداثة ,الا ان مهارة التو التصميمية برزت أكثر ممايمكن في تصميمه لعددكبير من المكتبات العامة في فنلندا وخارجها,الى الحد الذي جعل منها النموذج الاكثر حداثة لمباني المكتبات العامة الصغيرة في العالم أجمع.يتميز التنضيم الداخلي لتلك المكتبات في العادة بالفصل الوظيفي الواضح بين كتلتين رئيسيتين,احدهما متوازي مستطيلات وتحتوي في العادة الوظائف المكتبية النمطية,والاخرى بشكل أكثر انفتاحاوانسيابية,وبمستويات متعددة تصل بينها الادراج المكشوفة,وبأضاءة علوية من السقف أو من أعلى الجدران,وتحتوي في العادة رفوف الكتب وصالات المطالعة.وبوجود مثل هذا التنظيم الداخلي المنفتح تعطي صالة المطالعة الرئيسة في العادة ايحاء بالبيت ذي الفناءcountryard plan ,أو تشبيها مجازيا بالواحة في وسط بيئة مناخية قاسية,كما تضفي الاضاءة العلوية السقفية جوا مسرحيا شبيها بالاجواء في الكنائس الباروكية الايطالية.
    والى جانب المكتبات فقد قام التو بتصميم العديد من المشاريع السكنية,منها المساكن المستقلة,أو الاسكانات خفيفة الكلفة,أو مباني الشقق السكنية,بالاضافة الى دور البلديات الصغيرة والمسارح والمراكز الثقافية,وبعض المتاحف الفنية.لكن كان هناك دوما الكثير من التشابه بين تلك التصاميم على اختلاف وظائفها,فقد دأب التو على توظيف الخطوط المنحنية أو المتموجة في تشكيلاته للمساقط الافقية جنبا الى جنب مع الخطوط المستوية المتعامدة بشكل يحقق نوعا من التضاد بين الحس السكوني الذي توحي به الخطوط المستقيمة والمتعامدة,والشعور الدينلمي الذي توحي به الخطوط المنحنية والمتموجة.وفي كثير من الاحيان كانت الخطوط المنحنية أو المتموجة تتخذ منحى دورانيا أسيا(لوغاريثميا)متسارعا يقابله في البعد الثالث تزايد في حجم وارتفاع المساحات التي ترمز لها تلك الخطوط المنحنية أو المتموجة في المسقط الافقي.
    لا يبدو في الواقع بأن هناك أي منطق عقلاني وراء ذلك النمط من التشكيل المعتمد على التضاد بين السكون والحركة الدورانية المتسارعة,لذا ليس من السهل تبرير لجوء التو الى تلك الاستراتيجية التصميمية المحددة,بيد أن المؤرخ مالكولم كوانترل يقترح أن تلك الخطوط والاشكال المنحنية أو المتموجة قدتكون مستوحاة من أشكال البحيرات المتواجدة بكثرة في فنلندا.ويذكرنا كوانترل بأن والد التو كان مساحاsurveyor مما يكن قد اتاح لالتو الاطلاع على أشكال الخرائط المساحية لتلك البحيرات الفنلندية منذ صغره.ثم يلفت كوانترل انتباهنا الى أن كلمة التو بالفنلندية تعني"موجة".لذا يبدو ان كوانترل,بهذا النوع من التاويل لمصادر تلك الاشكال لدى التو,يقترح فرأءة ذاتية biographicalلتلك الاشكال كمدخل لتفسير أعمال التو,مما يضع التو خارج اطار تيار الحداثة بشقه الدولي.ويقترح كوانترل بذلك تفسير أعمال التو على انها نوع من التاويل المنفرد الشخصاني لعمارة الحداثة في ضوء الخصوصية الفنلندية,الجغرافية والثقافية.
    فلنتفحص الان أعمال التو بمزيد من التفصيل,منها ما ارتبط بعمارة الحداثة بشكل خاص باستخدام الخرسانة المسلحة مثل مصح بيميو,وما أرتبط بتأويلاته الخاصة للمنظومات التصميمية الحداثة ضمن ذلك الاطار المتفرد.
    كان مشروع المصح يتطلب تجهيز حوالي مائتين وتسعين غرفة لاقامة مرضى السل وضعهم التو في تصميمه ضمن جناح رئيسي من ستة طوابق يطل باتجاه جنوب شرقي,ملحق به جناح صغير ينحرف عنه قليلا هو عبارة عن سبعة طوابق من الشرفات المغطاة ترتكز على صف وسطي من الاعمدة الخرسانية الضخمة تقع بازاحة طفيفة عن خط المنتصف نحو الجهة الخلفية.لم يك من السهولة في تلك الفترة تخيل أعمدة خرسانية مسلحة بامكانها حمل هذه الشرفات بهذا الشكل غير المتناظر لكن التو كان قد استخدم نظيرا لتلك الاعمدة الخرسانية الضخمة في مبنى جريدة تورون سانوماتTurun Sanomatالتي بنيت في مدينة توركوTurku,عام 1928-1929م.
    وتنفصل الشرفات الى مساحات أصغر تتسع لمجموعات صغيرة من المرضى بواسطة قواطع صغيرة.وتقوم هذه الشرفات المشتركة بالتعويض عن الشرفات المعتادة الملحقة بكل غرفة,اذ لاتوجد شرفات مستقلة لكل غرفة.وكان الهدف من الاستعاضة عن الشرفات المستقلة لكل غرفة جمع المرضى في مجموعات صغيرة بحسب اختيارهم,اعتمادا على نصيحة الاطباء بان تشكيل المرضى لهذه المجموعات الصغيرة يسرع في عملية الشفاء.وفي المنطقة التي يتصل فيها جناح الغرف مع جناح الشرفات قام التو بجمعها باستخدام خط منحن مستمر,كما جعل التو طابق السطح قاعة للاستراحة تمتد على طول الجناح.وبالاضافة الى جناح الغرف والشرفات كانت هناك أجنحة اخرى أقل أرتفاعا,أهمها جناح المطعم والقاعات الاجتماعية,يليه في الاهمية والحجم أجنحة العيادات,والمطابخ,والغسيل,ومحطة توليد الطاقةووهذا يبين التوصيف الوظيفي لكل جزء من أجزاء المشروع.
    أما مدخل المصح فيقع في الجناح الصغير الواصل بين جناح غرف المرضى,وجناح المطعم.ويحتوي جناح المدخل على الأدراج والمصاعد الرئيسة وبعض غرف الخدمات الفرعيةووفي الطابق الارضي توجد صالة الدخول التي تعلوها فتحات انارة سماوية دائرية,وتظلل المدخل من الخارج مظلة خرسانية منحنية الشكل,ويؤكد شكلها القطاعي اتجاه حركة السيارات تحتها.يعطي هذا التضاد بين الخطوط المتعامدة والخطوط المنحنية كما في مظلة المدخل,وفي جناح الشرفات,لمحة أولية عن واحدة من أهم المميزات التشكيلية لتصاميم التو:الخط المنحني المستمر ضمن اطار frameworkمن الخطوط المتعامدة.
    من ناحية اخرى يتميز التشكيل العام للمبنى بخطوطه الافقية التي تظهر واضحة للناظر من جهة المدخل حيث يمكن رؤية الفتحات الافقية الطويلة الممتدة على طول جناح غرف المرضى والتي توفر الاضاءة للمر الداخلي في هذا الجناح.ضمن هذا الامتداد الافقي تؤكد الفتحات النظام الانشائي الهيكلي من الخرسانة المسلحة الذي تبدو عناصره الأسية تتخل الفتحات التي تغطي معظم الجدار.أما العنصر الرأسي الوحيد في المشروع فهو خزان المياه الذي يرتكز على مدخنة محطة توليد الطاقةBoiler House.في معظم هذه العناصر يتشابه تصميم التو مع تصميم زونسترال الذي زاره التو قبل دخوله المسابقة بعام واحد.وقد اثبتت زيارة التو استفادته التامة من الامثلة الرائدة للعمارة الحديثة التي شاهدها في هولندا,ويبدو تأثر التو بعمارة الهولنديين واضحا في تصميمه للسكن الذي صممه التو في بيميو لموظفي المصح,وفي سكن عمال مصنع السيلولوز في سونيلا Sunila Cellulose Factory,1936-1939م.
    أما تصميمه النهائي لمكتبة فايبوري(حاليا مكتبة فايبورغ)فيمتاز بمسقط أفقي بسيط من كتلتين رئيسيتين تحتوي الكبرى قاعة المطالعةو الرئيسية ضمن مساحة مستطيلة خالية من النوافذ تنيرها فتحات سماوية دائرية الشكل تنتشر بانتظام على كامل سقف القاعة.وتقع مكتبة الاطفال تحتها مباشرة بمدخل مستقل.أما الكتلة الصغرى فتحتوي مجموعة من المكاتب التي تصطف بشكل طولي ويخدمها ممر طويل في نهايته من كل طرف درج يصل بين المستويات المختلفة,كما تحتوي هذه الكتلة على المدخل الرئيس للمكتبةزويظهر الدرج الرئيس المؤدي من صالة المدخل الى مستوى مدخل المكتبة في الطابق العلوي خلف جدار زجاجي على جانب الكتلة الصغرى من المشروع,كتلة المكاتب.ويبدو التشكيل من جهة المدخل تكعيبيا,وباللون الابيض المميز لعمارة الطراز الدولي.
    من أبرز هذا المشروع التصميم المميز لسقف قاعة المحاضرات باستخدام الخطوط المنحنية التي تحددت معالمها بحسب الدراسات الصوتية لتحقيق أفضل بيئة مسموعة داخل القاعةزكما أعطت هذه التجربة الاولية بالخطوط المنحنية في السقف بداية لأحد أهم العناصر المتكررة في تصاميم التو في تصميم سقوف القاعات الداخلية لمشاريعه المختلفة.كما سوف نرى تكرار لمثل هذه الخطوط المنحنية في كثير من المساقط الافقية,منها أجنحة فلندا في معرض باريس ونيويورك,وفي فيللا ماريا,وفي مساكن الطلبة في مساشوستسووغيرها.
    ومن المعالم الرئيسة في تصميم مكتبة فايبوري ايضا قاعة المطالعة العالية ذات المستويات الداخلية المختلفة والمضاءة بفتحات سقفية فقط,اذ يسمح الارتفاع الكبير للقاعة بتوفير فراغي داخلي كبير يحول دون شعور الانسان بالضيق والحشر في الداخل,كما يسمح بتوزيع منتظم للانارة في مختلف أرجاء القاعة.ويعكس تكرار هذا التصميم في أكثر من مشروع النجاح الكبير لهذه الفكرة اذ تتشابه المعالم الرئيسة لتصميم مكتبة فايبوري مع تصميم التو لمباني معهد التكنولوجيا في أوتانيميOtaniemi 1964-1969م,والمكتبة البلدية في مدينة سيايوكيSei-najoki ,1963-1965م,ومكتبة مدينة روفانيميRovaniemi,1963-1968م,بالاضافة الى مكتبة كية ماونت اينجل البندكتيهMount Angel Benedictine Collegeفي أوريغون بالولايات المتحدة1965-1970م.
    509
    تتميز معظم هذه المكتبات الصغيرة نسبيا بقاعة مطالعة كبيرة متعددة المستويات ومنغلقة الجدران الى حد كبير,تضاء في الغالب بفتحات سقفية أو جدارية عالية يتم التحكم بكمية الاضاءة الداخلة منها من خلال توجيهها المناسب أو بمعالجات تفصيلية تتراوح من حدها الأدنى باستخدام كاسرات الشمس المعدنية الأفقية أو الرأسية,الى حدها الأعلى الذي يشمل تصميم شكل المقاطع الداخلية تبعا للكيقية التي يراد بها انتشار الضوء في الداخل,الامر الذي يتطلب في العادة أسقفا داخلية على درجة عالية من التعقيد الشكلي,تتميز كل هذه المكنبات المذكورة بايحاء بالحركة الدورانية لأجزاء القاعة الرئيسة للمكتبة بسبب الشكل المروحي للقاعةFan-shaped الذي أصبح من العلامات الفارقة لكثير من مباني التو بما فيها الأبنية متعددة الطوابق مثل مبنى الشقق السكنية في لوتسيرنLucerne بسويسرا,1965-1968م,أو مبنى سكن الطلبة في معهد أوتانيمي للتكنولوجيا1962-1966م,أومبنى للشقق السكنية في ضاحية نوي فار في بريمن بألمانياو1959-1962م.
    لكن المنهج الذي تعامل به التو مع تصميم مباني المكتبات يختلف كثيرا عن تصاميمه السكنية التي تبدو أكثر تجريبية,وأكثر ارتباطا بالعمارة التقليدية في فنلندا والدول الاسكندنافية بشكل عام.فقد صمم التو مجموعة من المباني السكنية المستقلة يختلف الواحد عن الاخر اختلافا جذرياولكن يمكن اعتبار فيللا ماريا من أهم التجارب في سلسلة التجارب في مجال تصميم المسكن المستقل.تتشكل الفيللا من مزيج من العناصر التي تترابط بشكل فراغي حر برغم بساطة المسقط الأفقي والتوزيع العام للغرف والمساحات الخارجية والداخلية المتجاورة.ويتشابه تنظيم المسقط الأفقي الى حد ما مع مكتبة فايبوري حيث يحوي الجناح الطولي الى يمين المدخل الرئيس للفيللا المطبخ وتوابعه وغرف الخدم تماما مثلما تحوي الكتلة الصغرى شديدة الاستطالة في مكتبة فايبوري جناح المكاتب الادارية.وكذلك تتشابه قاعات المعيشة تارئيسة في الفيللا مع قاعة الكتب الرئيسة في المكتبةوبوجود فراغ كبير نسبيا ضمن مساحة مربعة في الفيللا ومستطيلة في المكتبةووبتعدد المستويات الأفقية الداخلة ضمنه.


    515
    ويمكن اعتبار مباني مركز بلدية ساينتسالو تتويجا لأعمال التو بالرغم من استمرار عطائه حتى السنوات الأخيرة من حياته,

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء مايو 07, 2024 7:17 pm